تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، انطلقت فعاليات الدورة العاشرة من قمَّة المعرفة 2025، المنصة العالمية الرائدة في إنتاج المعرفة وتوظيفها في خدمة التنمية المستدامة، والتي تنظِّمها مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تحت شعار “أسواق المعرفة: تطوير المجتمعات المستدامة”، في مركز دبي التجاري العالمي.
الاستثمار في المعرفة
وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، قال سعادة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة: “إن قمَّة المعرفة نجحت على مدار عشرة سنوات، في أن تؤسِّس لنفسها مكانةً راسخةً بين المحافل العالمية، وأن تتحوّل إلى ملتقى سنوي للعقول المبدعة وصنّاع القرار، لتعزيز دور المعرفة كقوّة دافعة لبناء الإنسان، وضمان مستقبل مزدهر لأوطاننا وأجيالنا القادمة”.
وأضاف سعادته: “تجسِّد القمَّة رؤية قيادتنا الرشيدة، وتستمد زخمها من توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي يؤمن بأنّ الاستثمار في المعرفة هو الاستثمار الأجدر لبناء الأمم وصناعة تقدّمها. وبفضل هذا الدّعم المتواصل، اتّسع نطاق القمَّة ليشمل كافّة القارّات، إذ جمعت على منصّتها روّاد الفكر والمبدعين والخبراء من مختلف دول العالم، لتصبح منارةً تسهم في استشراف المستقبل وصياغة حلول عمليّة لتحدّيات التّنمية المستدامة، في عالم تتسارع فيه التّحوّلات وتتعاظم فيه قيمة المعرفة”.
وأوضح سعادته أن قمَّة المعرفة تأتي هذا العام تحت شعار «أسواق المعرفة: تطوير المجتمعات المستدامة»، لتفتح آفاقاً جديدةً أمام مفهوم متجدّد من الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث تتحوّل الأفكار إلى منفعة تنمويّة، والمعرفة إلى طاقة إنتاجيّة، تسهم في تحقيق اقتصاد متنوّع ومستقبل قائم على الابتكار والاستدامة. وهي رسالةٌ تتناغم مع رؤية دولة الإمارات واستراتيجيّاتها المستقبليّة في بناء اقتصاد معرفيّ متقدّم، واستثمار إمكانيّات الذّكاء الاصطناعيّ والتّقنيات الحديثة لخدمة الإنسان وتعزيز جودة الحياة.
مرجع دولي
بدورها، قالت معالي ريبيكا جرينسبان، الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في كلمتها خلال الحفل: “إنّ المعرفة هي ما يمكّن البشرية من تجاوز الحدود وتذليل العقبات، ومن دونها، يبقى عالمنا كما هو، دون تقدمٍ أو تغيير. وقد جسدت “قمَّة المعرفة” التزام مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الراسخ بدفع الحراك المعرفي داخل العالم العربي وخارجه، وجاءت ترجمةً لرؤيةٍ مستقبلية مفادها أن المعرفة هي محرك التقدم، بما يتماشى مع جهود دولة الإمارات لبناء اقتصاد مستدام وقائم على المعرفة. ومن هنا تبرز أهمية هذه القمَّة، التي تشكّل منصة مثالية تلتقي فيها وجهات النظر والأفكار المختلفة مقدّمةً مزيجاً استثنائياً يلهم الحلول المبتكرة والأفكار الخلّاقة”.
وأضافت سعادتها: “مع توسع المشاركة الرقمية بفضل التقنيات الرائدة، لا يزال نحو 2.6 مليار شخص محرومين من الوصول إلى الإنترنت. وفي هذا السياق، تؤدي “قمَّة المعرفة” دوراً حيوياً في ضمان أن تصبح المعرفة أداةً شمولية تُمكِّن الأفراد من المشاركة في الاقتصاد العالمي، فالمعرفة تُساعدنا على تجاوز التعقيدات دون الوقوع في فخّ الافتراضات، والأسواق تحتاج إلى سياسات ناجحة ورقابة فعّالة لضمان ترجمة المعرفة إلى تنمية مستدامة، لا إلى مكاسب تجارية فحسب. وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تُمكّن القمَّة المشاركين من التعلّم وتبادل الأفكار ومواجهة التحديات وبناء الشراكات، مما يسهم في تزويدهم بالمهارات اللازمة لمواكبة تحوّلات عصرنا سريع التغيّر”.
ومن جانبه، قال معالي الدكتور عبدالله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كلمته خلال الافتتاح: “ندرك أن المعرفة لم تعد محصورة في الجامعات أو مراكز الأبحاث، بل أصبحت سلعة استراتيجية تحدد مكانة الدول في النظام العالمي الجديد، وتفتح آفاقاً غير مسبوقة أمام التنمية المستدامة”.
وأوضح أن مرور عشر سنوات على قمَّة المعرفة ليس فقط مناسبة للاحتفاء، بل لحظة للتأمل والتجديد. مضيفاً: “لقد قطعنا شوطاً طويلاً في بناء مجتمعاتٍ قادرة على إنتاج المعرفة، لكن الطريق ما زال طويلاً نحو مجتمعاتٍ قادرة على تسويق المعرفة وتوظيفها من أجل العدالة والاستدامة والازدهار المشترك”.
وتابع الدردري: “يواصل مؤشِّر المعرفة العالمي، وهو ثمرة شراكة فريدة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أداء دوره كمرجع دولي يقيس إنتاج المعرفة وتوظيفها في خدمة التنمية. وهذا المؤشِّر لا يكتفي بتجميع البيانات، بل يسهم في توجيه السياسات وبناء الرؤى، وفي دعم الدول على تحويل المعرفة إلى رأس مال بشري منتج، وإلى سياسات عامة تستجيب لتحديات التحول التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي”.
وشهد حفل افتتاح القمَّة الإعلان عن نتائج الإصدار التاسع من مؤشِّر المعرفة العالمي لعام 2025، حيث احتلت سويسرا المرتبة الأولى عالمياً، تلتها في المرتبة الثانية سنغافورة، والسويد في المرتبة الثالثة، في حين تصدرت دولة الإمارات قائمة الدول العربية، وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية، وقطر في الثالثة.
وقد تزايدت أهمية المؤشِّر واكتسب مكانة عالمية مرموقة باعتباره إطاراً متكاملاً لقياس المستوى المعرفي للدول، إذ يضم هذا العام ست مؤشِّرات قطاعية مركبة، هي: التعليم ما قبل الجامعي، والتعليم التقني والتدريب المهني والتعليم العالي، والبحث والتطوير والابتكار، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والاقتصاد، والبيئة التمكينية، كما شهدت نسخة هذا العام من المؤشِّر تحديثاً نوعياً في منهجيته وأدواته الإحصائية، بهدف تعزيز دقّته وقابليته للمقارنة بين الدول. وشملت هذه التحديثات إضافة مجموعة جديدة من المؤشِّرات الفرعية، وتطوير الأوزان الإحصائية، إلى جانب دمج معايير جديدة لقياس الجاهزية لبناء مجتمعات واقتصادات المعرفة عبر قطاعات التعليم والبحث والتطوير والابتكار وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد، فضلاً عن البيئة والمجتمع والحوكمة الرشيدة.
وتضمن برنامج القمَّة مجموعة واسعة من الجلسات النقاشية والحوارات التفاعلية وورش العمل والتي قدمها نخبة من أبرز المختصين والخبراء والأكاديميين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، وتناولت محاور جوهرية شملت: أسواق المعرفة، الاقتصاد المعرفي، الابتكار، الاستدامة، والتنمية المجتمعية إلى جانب التكنولوجيا والتعليم والبيئة وحوكمة المعرفة ودور الشراكات والاستثمارات في بناء منظومات معرفية متكاملة وأثر المعرفة وتبادل الأفكار والخبرات في نهضة المجتمعات وتطورها وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

















